المسلمون كما قال النبي صلى الله عليه وسلم كثير ولكنهم غثاء كغثاء السيل نريد الملتزمين بأخلاق القرآن وأخلاق النبي العدنان والتعامل على شرع الرحمن في البيع والشراء والزواج وكل أمور الإنسان التي يحتاجها في دنياه هؤلاء اليوم قليلون
وهؤلاء القليل ربما يعتريهم فتور في النفس ربما يحدث لهم هم وغم في القلب لأنه يجد من إخوانه المؤمنين في التعامل معهم ما لا ينبغي أن يحدث من مسلم حتى ولو كان ضعيف الإيمان ماذا يصنع؟ أوصانا النبي فقال
{لا تَكُونُوا إِمَّعَةً تَقُولُونَ: إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا وَإِنْ أَسَاءُوا أَسَأْنَا وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ إِنْ أَحْسَنُوا أَنْ تُحْسِنُوا وَإِنْ أَسَاءُوا أَلا تَظْلِمُوا}[1]
إياك أن تتنازل ذرة عن العمل بشرع الله من أجل الخلق وتقول فلان يصنع كذا وفلان يعمل كذا ولو كان فلان في نظرك من العلماء أو الحكماء فإن العالم أو الحكيم الذي يخشى الله ويتقه {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} النور52
أدرك النبي صلى الله عليه وسلم أن هؤلاء في هذا الزمان قلة مع أنهم في مجتمع المسلمين وفي أوساط المؤمنين لكن أين التاجر الصدوق الذي أتعامل معه؟ الذي يقول فيه النبي {التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[2]
أين من يحفظ الأمانة في القول والأمانة في الفعل والأمانة في أي عمل من الأعمال؟ مع قول النبي صلى الله عليه وسلم {لا إِيمَانَ لِمَنْ لا أَمَانَةَ لَهُ}[3]
هؤلاء القليل بشَّرهم النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر أنهم سيكونون في هذا الزمان {وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ}[4]
وطوبى يعني قرة عين للغرباء ولهم منزلة عظيمة يوم العرض والجزاء قال فيها صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف المنيف {طُوبَى شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ مَسِيرَةُ مِائَةٍ سَنَةٍ ثِيَابُ أَهْلِ الْجَنَّةِ تَخْرُجُ مِنْ أَكْمَامِهَا}[5]
منزلة عظيمة يهنأ بها الإنسان إذا ذهب إلى لقاء الرحمن عز وجل من يتمسك بالسنة في هذا الزمان له عند الله أجر عظيم لأنه لا يتزحزح عن شرع الله ولا يرغب عن سُنَّة رسول الله ولو عرضت عليه الدنيا بأسرها لو عرضت عليه أموالها من حرام يأباها ولو عرضت عليه الوظائف على حساب إخوانه الذين يستحقونها لا يرضاها لا يرضى إلا موافقة شرع الله والتأسي بسنة رسول الله
فهذا طوبى له يوم لقاء الله مع أن الله وعده في الدنيا مهما زاد الغلاء ومهما كثر الوباء ومهما انتشر الشر فإنه في حفظ الله ورعايته وفي خير الله وهنائه ومودته بشرهم الله فقال {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} النحل97
والحياة الطيبة التي فيها راحة البال وفيها رعاية الواحد المتعال إذا نام الإنسان في آخر اليوم قرير العين لأنه راجع صفحته ويوميته فيجد أنه لم يكذب في يومه ولم يظلم أحداً من خلق الله ولم يتعد بلسانه أو بيده على واحد من المؤمنين بالله وأدَّى ما عليه لمولاه ينام هانئ البال قرير العين في رعاية الله
وهذه هي الحياة الطيبة التي قال فيها صلي الله عليه وسلم لأنس بن مالك رضي الله عنه {إِنْ قَدَرْتَ أَنْ تُصْبِحَ وَتُمْسِيَ لَيْسَ فِي قَلْبِكَ غِشٌّ لأَحَدٍ فَافْعَلْ ثُمَّ قَالَ: يَا بُنَيَّ وَذَلِكَ مِنْ سُنَّتِي وَمَنْ أَحْيَا سُنَّتِي فَقَدْ أَحَبَّنِي وَمَنْ أَحَبَّنِي كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ}[6]
[1] سنن الترمذي عن حذيفة بن اليمان ضعفه الألباني في "ضعيف الترمذي" غير أنه صححه من قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .
[2] سنن الترمذي والدارمي والحاكم في المستدرك عن أبي سعيد الخدري و تراجع الألباني عن تضعيفه فصححه في الصحيحه (3453)
[3] مسند الإمام أحمد وصحيح ابن حبان عن أنس وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (7179) وصحيح الترغيب والترهيب (3004) وحسنه في مشكاة المصابيح برقم (35)
[4] صحيح مسلم وسنن ابن ماجة ومسند الإمام أحمد عن أبي هريرة
[5] مسند الإمام أحمد وصحيح ابن حبان عن أبي سعيد الخدري وحسنه الألباني في صحيح الجامع
[6] سنن الترمذي والطبراني عن أنس